16 - 08 - 2024

مؤشرات | مصر وصندوق النقد ولمن يكون الإنحياز؟

مؤشرات | مصر وصندوق النقد ولمن يكون الإنحياز؟

في تصوري أن العلاقة أو الحوار بين مصر وصندوق النقد الدولي دخل مرحلة جديدة من المجادلة، أو أشبه بـ"لعبة القط والفار"، خصوصا بعد إعلان مصر بشكل مباشر عن وجود تخوفات من "روشتات" الصندوق وتأثيرها على المواطنين المصريين، وهو ما قاله الرئيس في لقاء على الهواء عبر شاشات الفضائيات، وإن لم يكشف عن إسم الصندوق مباشرة في حديثه.

ويبدو في حكم الأقرب للتأكيد أن تعويم سعر الجنيه المصري كليا أصبح مستبعدًا، وإن كان الإتجاه هو السير في تطبيق سياسة السعر المرن من فترة إلى أخرى طيلة فترات المراجعة لبرنامج الإصلاح الإقتصادي بين مصر والصندوق، والذي يمتد حتى العام 2026.

وتأخير المراجعة الأولى من مارس حتى الآن وربما لفترة قادمة، مؤشر واضح على أن الحكومة تعيد تقييم وجهة نظرها السابقة في تبيان مخاطر شروط الصندوق على حياة الناس اليومية والتي وصلت إلى مشاكل يعيشها كل فرد، خصوصا ما يتعلق بالأسعار وتكاليف المعيشة.

وتأثير الرأي العام بدا واضحًا على رؤية الحكومة والتي ظلت تنفرد بخططها على أمل أن يتحمل الناس كل تداعيات برامج الإصلاح الإقتصادي والتي فرضها صندوق النقد، ومازال يطالب بها حتى اللحظة، إلا أن الناس في الشارع وصلت إلى آخرها أو حسب التعبير الشعبي "جابت آخرها"، مع تراكم الأعباء والتي لم تنجح كل الحزم الإجتماعية في ملاحقتها.

من هنا خرجت الحكومة بصوت جديد، لتعلن برنامجا شاملا جديدا وذاتيا لمعالجة ما خلفته سياسة الإصلاح، وتداعيات الأزمات العالمية على الاقتصاد الوطني، والمواطن، وعلى رأسها البحث عن طريقة وتفاهمات جديدة مع صندوق النقد غير تلك المتعلقة بتحرير سعر صرف الجنيه، إقتناعًا بأن إصرار صندوق النقد على تحرير سعر الصرف لا يراعي الأبعاد الإجتماعية على الشعب.

ولا شك أن موقف الحكومة الجديد، كان الأقوى على لسان رئيس الجمهورية خلال مؤتمر للشباب، بقوله "نحن مرنون في سعر الصرف ، لنكن واضحين، ولكن متى يمس الأمر بالأمن القومي المصري ، ويضيع الشعب المصري؟ لا لا لا لا"، حتى لو إختلف ذلك معه وجهة نظر ...." دون أن يسمي صندوق النقد"

وفي أعقاب تصريحات الرئيس، خرج الصندوق على لسان مديرته "كريستالينا جورجييفا"، قائلة "إن مصر بحاجة إلى العمل على منع تسرب احتياطيات النقد الأجنبي الناجم عن أسعار الصرف المتعددة، فعندما يكون هناك دعم للعملة ولكن ليس هناك ما يكفي من النقد الأجنبي ، فإن هذا يقلل الاحتياطيات ويجعل الوضع في البلاد أكثر صعوبة".

ولكن سرعان ما عادت وقالت، "إننا نخوض نقاشات جيدة مع الحكومة المصرية التي تتخذ الخطوات المناسبة لدعم الاقتصاد" بل أشادت بإتفاق مصر مع مؤسسة التمويل الدولية للاستفادة من خبرتها بهدف تسريع عملية بيع الشركات المملوكة للدولة.

وتحدثت "كريستالينا جورجييفا"، عن ثلاثة مجالات يتعين على مصر العمل عليها لتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد، وهي " إخراج الدولة من الأنشطة التي تناسب القطاع الخاص بشكل أفضل" ، و"زيادة الدعم للأشخاص الأكثر ضعفاً مع تقليل الدعم للأثرياء"، و"تعزيز مركز الاحتياطي في مصر".

أعتقد أن هنا تفاهم في أول مجالين، ولكن تبقى "لعبة القط والفار" حول قضية " "تعزيز مركز الاحتياطي في مصر"، والذي يراه الصندوق من خلال تحرير سعر الصرف، بينما لمصر في هذا المرحلة وجهة نظر أخرى.

وبرزت تصريحات مختلفة لصندوق النقد، بأنه يجري مناقشات جيدة للغاية مع المصريين وأن الحكومة تتخذ الخطوات المناسبة، وإننا نهدف إلى استكمال المراجعة الأولى، والتي تأجلت من مارس إلى الآن، بشأن الدفعة الثانية من قرض الصندوق لمصر والبالغ 3 مليارات دولار، حصلت مصر منه على 347 مليونا .. في ظل ذلك أعتقد أن الأمر أضحى مختلفًا.

وما زال الجدل مستمرا .. حول من سيحسم القرار .. تحرير كلي لسعر صرف الجنيه .. أو تأجيل لأجل غير مسمى، أو الإلغاء ... ولكن الأهم هو الإنحياز لمصلحة أمن مصر القومي ومواطنيها.!
----------------------------------
بقلم: محمود الحضري

مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | تعليم